وإن نصفي لميت

House
#وإن نصفي لميت بقلم: مريم رجب جلست أضمد جرح قدمي ولكني أشعر بالآلم في غير موضعه، كل سنوات عمرى لا يؤلمني أى جرح ألم به جسدي، وكأن نياط قلبي الممزقة احتكرت آلامي وحدها. تهرول الذاكرة إلى الماضي وتنبش به لتخرج ما وأدته منذ زمن بعيد، هناك في الماضي السحيق أرى امراءة ورجل لم يجمع بينهما سوى الاختلاف لقد اتفقا على ألا يتفقا أبدًا، تتنافر دروبهم ولا يشتركان سوى في، من كل منهما أحمل چين ما، يرغب كل منهما في، ولطالما أردتهما معًا ولكن هيت لي، شهدت نزاعات وحروبًا شرسة لا أعلم دوافعها ولا أريد حتى أن أعلم، شهدت دموع وبكاء، صراخ ونفور، شهدت ليالٍ قاسية وحادة وكل منهم لا يعلم أني أنازع، أتألم تمامًا كما لو أني طرفًا في المعركة تلك، بل كنت ألقي الذنب كله بي فكنت أنا بيت القصيد، دائمًا ما كنت أسمع جملتهما المعهودة، والتي لم أسمع سواها طوال خمس وعشرون عامًا، أن الحياة قائمة بينهما فقط من أجلي، عن أى حياة تتحدثون؟ لا تلصقون بي استمرار علاقة آثمة كهذه، لم تنجح أمي بالبكاء والرضوخ لتكسب عطفي ولم يفلح أبي بتعدد علاقاته وسطوته واستبداده أن يحظى باحترامي، كبرت ساخطًا ناقمًا على كليهما، لم أتقبل يومًا ظلم أبي ولم يروق لي أبدًا ضعف أمي، لم أشعر بالرضا يومًا لاستمرار علاقتهم تلك، ظناً منهم أنهم يفعلون ذلك من أجلي. لو يدري كل منهما كم تمنيت أن ينفصلا، كم تمنيت أن يرحل أحدهم عن الحياة، كنت أستمتع كثيرًا عندما يتغيب أبي عن البيت لعده أيام، وكذلك أيضًا عندما تتركني أمي عند جدتي في عطلة نهاية الأسبوع، كنت أتوق لشيء من الهدوء والسكينة، أبحث عن الاستقرار حتى لو كلفني فقدان كليهما، أحبهم كثيرًا، أحب أمي وأعشق حبها لي كم تحملت وعانت من أجلي، كم أخفت أخطائي خوفًا من بطش أبي، ربتني أمي بدموعها ولكني ساخط، وأحب أبي فهو بالرغم من صرامته وحدته يخاف عليّ كثيرًا، ودائمًا ما كان يبرر عنفه بأنه يريد أن ينشئني قويًا، أحبهم كثيرًا ولكني لا أطيق اجتماعهما، لا أتحمل وجودهما سويًا، ولا أقبل أن أكون سببًا أبدًا. أمي لا تدري أنني طوال حياتي لم أستطع تقبل وجود امرءاه بحياتي، وأبي لا يعلم أنني أخشي أن أصير على شاكلته، أن أكون متجرعًا چيناته للحد الذي يجعلني بلا قلب، يريد كل منهما رؤيتي سعيدًا وهم في اعتقادهم انهم ضحوا بسعادتهم لأجلي، ولا يعلمون أنهم وأدوا سعادتي قبلًا، لا أستطيع أن أجلب للعالم أطفالًا يعانون ما عانيته، لا أستطيع تقبل فكرة أن أعيش مع امراءة لا يجمع بيننا حبًا ولا ودًا فقط من أجل خطأ صغير وهو أننا لدينا ما يجب علينا أن نضحى من أجله، فكنت أنا خطأهما.